سورة يس - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يس)


        


قوله عز وجل: {يس} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة.
الثاني: أنه اسم من أسماء الله تعالى أقسم به، قاله ابن عباس.
الثالث: أنه فواتح من كلام الله تعالى افتتح به كلامه، قاله مجاهد.
الرابع: أنه: يا محمد، قاله محمد بن الحنفية، وروى علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّانِي في القُرآنِ بِسَبْعَةِ أَسْمَاءَ: مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَطه وَيس وَالمُزَّمِّلِ وَالْمُدَّثِّرِ وَعَبدَ اللَّهِ».
الخامس: أنه يا إنسان: قاله الحسن، وعكرمة، والضحاك، وسعيد ابن جبير. ثم اختلفوا فيه فقال سعيد بن جبير وعكرمة هي بلغة الحبشة. وحكى الكلبي أنه بالسريانية وقال الشعبي: هو بلغة طيئ. وقال آخرون: هي بلغة كلب.
ويحتمل سادساً: يئس من كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون مؤمناً بالله، نفياً للإيمان أن يكون إلا بالشهادتين، واليأس أبلغ في النفي من جميع ألفاظه، ثم أثبت رسالته بقسَمه فقال:

{وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} يحتمل وجهين:
أحدهما: على شريعة واضحة.
الثاني: على حجة بينة.
قوله عز وجل: {لِّتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: أنهم قريش أنذروا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولم ينذر آباؤهم من قبلهم، قاله قتادة.
الثاني: أنه عام ومعناه لتنذر قوماً كما أنذر آباؤهم، قاله السدي. {فَهُمْ غَافِلُونَ} يحتمل وجهين
أحدهما: عن قبول الإِنذار. الثاني: عن استحقاق العذاب.

قوله عز وجل: {لَقَدْ حَقَّ الْقَولُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ} فيه وجهان:
أحدهما: معناه لقد وجب العذاب على أكثرهم، قاله السدي.
الثاني: لقد سبق علم الله في أكثرهم، قاله الضحاك.
وفي هذا القول الذي حق عليهم وجهان:
أحدهما: أنه الوعيد الذي أوجبه الله تعالى عليهم من العذاب.
الثاني: أنه الإِخبار عنهم بأنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم.
{فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} يعني الأكثرية الذين حق القول عليهم، وهم الذين عاندوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من كفار قريش، وأكثرهم لم يؤمنوا فكان المخبر كالخبر.


قوله عز وجل: {إنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِِهِمْ أَغْلاَلاً} فيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه مثل ضربه الله تعالى لهم في امتناعهم من الهدى كامتناع المغلول من التصرف، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: ما حكاه السدي أن ناساً من قريش ائتمروا بالنبي صلى الله عليه وسلم فجاءوا يريدون ذلك فجعلت أيديهم إلى أعناقهم فلم يستطيعوا أن يبسطوا إليه يداً.
الثالث: أن المراد به جعل الله سبحانه لهم في النار من الأغلال في أعناقهم ويكون الجعل ها هنا مأخوذاً من الجُعالة التي هي الأجرة كأن جعالتهم في النار الأغلال، حكاه ابن بحر.

وفي قوله: {فِي أَعْنَاقِهِمْ} قولان:
أحدهما: في أيديهم، فكنى بالأعناق عن الأيدي لأن الغُل يكون في الأيدي، قاله الكلبي، وحكى قطرب أنها في قراءة ابن عباس: {إنَّا جَعَلْنَا فِي أَيْمَانِهِم أَغْلاَلاً}
الثاني: أنها في الأعناق حقيقة، لأن الأيدي تجمع في الغل إلى الأعناق، قاله ابن عباس {فَهِيَ إلَى الأَذْقَانِ} فيه وجهان:
أحدهما: إلى الوجوه فكنى عنها بالأذقان لأنها منها، قاله قتادة، أي قد غلت يده عند وجهه.
الثاني: أنها الأذقان المنحدرة عن الشفة في أسفل الوجه لأن أيديهم تماسها إذا علت.

{فَهُم مُّقْمَحُونَ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: رفع رؤوسهم ووضع أيديهم على أفواههم، قاله مجاهد.
الثاني: هو الطامح ببصره إلى موطئ قدمه، قاله الحسن. الثالث: هو غض الطرف ورفع الرأس مأخوذ من البعير المقمح وهو أن يرفع رأسه ويطبق أجفانه في الشتاء إذا ورد ماء كريهاً، حكاه النقاش. وقال المبرد، وأنشد قول الشاعر:
ونحن على جوانبها قعود *** نغض الطرف كالإبل القماح
الرابع: هو أن يجذب ذقنه إلى صدره ثم يرفعه مأخوذ من القمح وهو رفع الشيء إلى الفم، حكاه عليّ بن عيسى وقاله أبو عبيدة.

قوله عز وجل: {وَجَعَلْنَا مِن بَينِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: يعني ضلالاً، قاله قتادة.
الثاني: سداً عن الحق، قاله مجاهد.
الثالث: ظلمة سدت قريشاً عن نبي الله صلى الله عليه وسلم حين ائتمروا لقتله قاله السدي. قال عكرمة: ما صنع الله تعالى فهو السُدُّ بالضم، وما صنع الإنسان فهو السد بالفتح.

{فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: فأغشيناهم بظلمة الكفر فهم لا يبصرون الهدى، قاله يحيى بن سلام، ومعنى قول مجاهد.
الثاني: فأغشيناهم بظلمة الليل فهم لا يبصرون محمداً صلى الله عليه وسلم حين ائتمروا على قتله، قاله السدي، ومحمد بن كعب.
قوله عز وجل: {إِنَّمَا تُنذِرُ مَن اتَّبَعَ الذِّكرَ} يعني القرآن. {وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ} فيه وجهان:
أحدهما: ما يغيب به عن الناس من شر عمله، قاله السدي.
الثاني: ما غاب من عذاب الله وناره، قاله قتادة.
{فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ} لذنبه.

{وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} لطاعته، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه الكثير.
الثاني: الذي تنال معه الكرامة.

قوله عز وجل: {إنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى} فيه وجهان:
أحدهما: نحييهم بالإيمان بعد الكفر، قاله الضحاك.
الثاني: بالبعث للجزاء، قاله يحيى بن سلام.

{ونَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَارَهُمْ} فيه تأويلان: أحدهما: ما قدموا هو ما عملوا من خير أو شر، وآثارهم ما أثروا من سنة حسنة أو سيئة يعمل بها بعدهم، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: ما قدموا: أعمالهم، وآثارهم: خطاهم إلى المساجد، قاله مجاهد.
روى سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: كانت بنو سلمة في ناحية من المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قريب من المسجد، فنزلت: {إنَّا نَحْنُ نُحِيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَارَهُمْ} وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «إن آثَارَكُمْ تُكْتَبُ فَلَمْ يَنتَقِلُوا».
ويحتمل إن لم يثبت نقل هذا السبب تأويلاً ثالثاً أن آثارهم هو أن يصلح من صاحبهم بصلاحهم، أو يفسد بفسادهم.

{وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ} فيه وجهان:
أحدهما: علمناه.
الثاني: حفظناه.

{في إمَامٍ مُّبِينٍ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدهما: اللوح المحفوظ، قاله السدي. الثاني: أم الكتاب قاله مجاهد.
الثالث: معناه طريق مستقيم، قاله الضحاك.


قوله عز وجل: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إذْ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ} هذه القرية هي أنطاكية من قول جميع المفسرين.
{إذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا} اختلف في اسميهما على ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهما شمعون ويوحنا، قاله شعيب.
الثاني: صادق وصدوق، قاله ابن عباس وكعب الأحبار ووهب بن منبه.
الثالث: سمعان ويحيى، حكاه النقاش.

{فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: فشددنا، قاله مجاهد.
الثاني: فزدنا، قاله ابن جريج.
الثالث: قوينا مأخوذ من العزة وهي القوة المنيعة، ومنه قولهم: من عز وبز: واختلف في اسمه على قولين:
أحدهما: يونس قاله شعيب.
الثاني: شلوم، قاله ابن عباس وكعب ووهب. وكان ملك أنطاكية أحد الفراعنة يعبد الأصنام مع أهلها، وكانت لهم ثلاثة أصنام يعبدونها، ذكر النقاش أن أسماءها رومس وقيل وارطميس.
واختلف في اسم الملك على قولين:
أحدهما: أن اسمه أنطيخس، قاله ابن عباس وكعب ووهب.
الثاني: انطرا، قاله شعيب.

قوله عز وجل: {مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} وهذا القول منهم إنكار لرسالته، ويحتمل وجهين:
أحدهما: أنكم مثلنا غير رسل وإن جاز أن يكون البشر رسلاً.
الثاني: إن مثلكم من البشر لا يجوز أن يكونوا رسلاً.

{وَمَآ أَنزَلَ الرَّحْمنُ مِن شَيْءٍ} يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون ذلك منهم إنكاراً للرحمن أن يكون إلهاً مرسلاً.
الثاني: أن يكون ذلك إنكاراً أن يكونوا للرحمن رسلاً.

{إنْ أَنتُمْ إِلاَّ تُكْذِبُونَ} يحتمل وجهين:
أحدهما: تكذبون في أن لنا إلهاً.
الثاني: تكذبون في أن تكونوا رسلاً.
قوله عز وجل: {قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إنَّا إلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} فإن قيل يعلم الله تعالى أنهم لا تكون حجة عند الكفار لهم.
قيل يحتمل قولهم ذلك وجهين:
أحدهما: معناه ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون بما يظهره لنا من المعجزات، وقد قيل إنهم أحيوا ميتاً وأبرؤوا زمِناً.
الثاني: أن تمكين ربنا لنا إنما هو لعلمه بصدقنا.
واختلف أهل العلم فيهم على قولين:
أحدهما: أنهم كانوا رسلاً من الله تعالى إليهم.
الثاني: أنهم كانوا رسل عيسى عليه السلام من جملة الحواريين أرسلهم إليهم فجاز، لأنهم رسل رسول الله، أن يكونوا رسلاً لله، قاله ابن جريج.
{وَمَا عَلَيْنَآ إلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} يعني بالإعجاز الدال على صحة الرسالة أن الذي على الرسل إبلاغ الرسالة وليس عليهم الإجابة، وإنما الإجابة على المدعوين دون الداعين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7